رغم برودة الجو في أيام الشتاء الأخيرة، كان يتعرق بشدة، فقد تملك الخوف و القلق منه. قاد سيارته مسرعاً، زوجته في المقعد الخلفي، و أمه بجوارها، تدعي الله أن يخفف عنهم.
كان حملها في شهره الثامن، و رغم استعدادهم لاستقبال فرد جديد في أسرتهم، تبقى التجربة الأولى الأكثر رعباً. وصلوا إلى المستشفى قبل الفجر بقليل، ليعيشوا ساعتين ما بين صراخ و دعاء و رعب الانتظار.
انقطعت جميع الأصوات في أذنيه، عدا صوت بدأ يتصاعد و يعلو، و لم تكذبه عيناه، ها هي طفلته الصغيرة بين يديه، بكاؤها أعذب لحن سمعه، جسدها الصغير أغلى ما حملت يداه، تُمسك إصبعه الأصغر بكامل يدها، لتلتحم الروح بالجسد.
قبلتها جدتها على رأسها، و حملتها إلى أمها. كان التعب يبدو في وجهها، لكن ما إن عانقت طفلتها، حتى ضحكت و أدمعت عيناها. أسعده تجمعهن معاً، و أدرك كيف أن لحياته معنىً بهم، كيف أن الأم و الزوجة و الابنة هُنّ سنده في الحياة.
محمد طاهر أمين
==================================
هذه القصة مهداة إلى كل أنثى بمناسبة عيد الأم
فهو يوم نتذكر فيه خصلة الحنان فيهن
فما الأمومة إلا تجلي لهذه الخصلة
تحية إلى كل أم و أخت و زوجة و ابنة و صديقة و حبيبة
طفلنا لم يكن ثالثنا في البيت ... بل كنا كلانا فيه معاً
بهاء طاهر