أحياناً يكون لتصفح الماضي و التنقل بين طيّات صفحاته متعةً خاصةً. هذا هوا ما توصلت إليه و أنا أتصفح مذكرتي القديمة .
تنقلت بين قصص و خواطر كأني أقرأها للمرة الأولى، و سطور أخرى لم تُكتمل كتابتها، كل تلك الحروف لم تعرفني و لم أعرفها، كأني لم أكن أنا كاتبها في يوم من الأيام.
وجدت بين السطور شخص آخر، بدا لي فعلاً أن الزمن غير فيَّ و غير مما حولي كثيراً، حتى ورق المذكرة نفسه بدا عليه القِدم و الإهمال، كغيرها الكثير في حياتي. قررت أن أكتب في تلك الصفحات مرة أخرى، أن يكتب قلمي بين سطورها - حتى لو كذباً - كيف أصبحت حياتي أحلى بدون ذلك الماضي، و كيف غيرت ذلك المستقبل الذي رسمته من قبل، سأحكي لتلك الصفحات كيف فارقتُ أشخاصاً عاشوا فيها، و كيف قابلت غيرهم.
أمسكت قلمي، و وضعت رأسه عند أول السطر، رفض قلمي أن يصدقني، شعرت بالعجز أمامه، كيف أصبح الكذب و الأوهام تملؤ حياتي، كيف ذاك الحزن تملّكَ قلبي، كيف تعلمت ابتسامة الموتى.
عاتبت قلمي، لم لاتكتب.
قال أكاذيب.
سأصدقها و أعيش بها.
اكتب الحقيقة، اكتب ما تعيشه أنت، لا ما يعيشه خيالك.
ستجرحني، أريد أن أنساها، لا أريد أن ينبض بها ورقي كلما قرأته.
اكتب أحلامك، و ابدأ من جديد.
لا أحلام لأعيشها الآن.
إذن، لنرحل من هنا، تلك المذكرات كانت يوماً صادقة، فلا تلوثها.
أغلقت مذكرتي، و فكرت كثيراً. كان أجمل ما كتبت هو ما خارج تلك المذكرة، عندما كنت أتخيل أشخاصاً و أحداثاً أخرى، أحداث لا أعيش أنا فيها، لمَ يعجز قلمي عن تجميل حياتي، و يُبدع في خيالي فقط.
قرأت ما كتبته فالصفحة الأولى، ثمانَ كلمات، بدأت بها كتباتي، و كانت شعار مدونتي، و قررت أن أخبئ تلك المذكرة مرة أخرى، فيبدو أن الماضي لا يكون ممتعاً في كل مرة.
فـلـيكـتب قلـمي .. و ليسطر شعري
آمالي و أحلامي .. آهـاتي و ألامي